
القِراءة لدَى فئة الشباب

(نتائج استبيان قام بعمله محرّري رواء الإمام)
كتب: محرروا رواء الامام
لا أحد تخفى عليه أهمية القراءة، وما يُمكن أن يكون لها من أثر على النفس وعلى شخصية الإنسان، بل حتى على مُستوى الجماعات والدول، فالقراءة بوسعها أن تُعلي أمة كما بوسعها أن تهدمها. بالقراءة نبني هويّتنا، ونغذّي عقولنا، ونصنع أجيالنا وتاريخنا، فهي صديقة الإنسان والملجأ له في جميع الحالات التي يُريد فيها الاختلاء بنفسه والاستزادة بمعلومة معينة، وهي من أكثر العمليات لتنمية العقل والتعرّف على ثقافات الشعوب، ويُقال "إذا شعرت وأنت تُقلّب الصفحة الأخيرة في الكتاب الذي تقرأه أنك فقدت شخصًا عزيزا، فاعلم أنك قد قرأت كتابًا رائعا".
إن أول ما نزل به الوحي على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هو القراءة، قال تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) سورة العلق، وهذا مما يدل على أهميتها، وقياسًا على ذلك أيضًا مقولة المتنبي: "وخَيرُ جليسٍ في الزمان كتابُ"، ويقول ستيفن روفر في كتابه (تاريخ القراءة): "إن القراءة صنو الكتابة، غير أن الكتابة محدودة أما القراءة فهي مُطلقة الحدود، الكتابة تجميد للحظة تاريخية، أما القراءة فهي صيرورة سرمدية.
ولكن ما أصبحنا نراه اليوم من قلّة القراءة عند فئة الشباب، يُعد من المشكلات التي نواجهها، وربما من المشكلات التي تكاد لا تُرى أو لا يعيها ويستوعب مدى خطورتها المجتمع؛ وذلك قد يعود بسبب جهلنا بمدى تأثيرها، وقلة التوعية بأهميتها من قبل المدراس والوالدين، بالإضافة إلى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وانشغال الشباب بها.
كَيف تُبحر وأنت في مَكانك؟
في سؤالنا للعديد من الأشخاص عن أهمية القراءة ومفهومها لديهم، قد تعددت الإجابات وتنوّعت الآراء، ولكن نقطة الاشتراك بينهم كانت واضحة في أنها أداة مهمة لإثراء الذات وإنارة العقل، فيقول أحدهم: "إن القراءة مهمة لدي لأعيش القصة والقدرة على الفهم والإدراك وأنها تزيد من الثقافة، كما أنها تُعينني على الاستعداد للمناقشة، بالإضافة إلى التنمية المعرفية وتطوير الشخصية والاطلاع والمعرفة، والاستزادة في كل جديد، وطلاقة العين واللسان" وأما آخر فيقول: "هي استرجاع منطقي أو عقلي للمعلومات في الدماغ وزيادة في الثقافة، ورفع قيمة الفكر لدى الشخص" بينما عبّرَت منيرة الحقباني- طالبة قسم الإدارة المالية، قائلةً: "إن القراءة هي أن تُبحر وأنت جالس في مكانك"، ومن جانبها وضحت ج-الحجيلي: أن القراءة اليوم لدى فئة الشباب لم تعد بمفهومها التقليدي الذي عهدناه سابقًا، والذي يتمثل في اقتناء كتاب معيّن والجلوس لقراءته ساعاتٍ طويلة، بل أصبحت تتضمّن الاطلاع العام سواءً من حيث قراءة الصحف، المجلات، الكتب، مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن المُخرج الأساسي لإطلاق مصطلح "قراءة" على عملية ما، هو حصول الفائدة".
حال القِراءة مع ظهور وسائل التواصل الاجتِماعي
يقول الكاتب محمد الرطيّان في كتابه (وَصايا) :"الذي لا يقرأ لا يرى الحياة بشكل جيّد؛ فليكن دائما هنالك كتاب جديد بجانب سريرك ينتظر قراءتك له"، وقد اتضح لنا من خلال استبيان قمنا به أن غالبية الإجابات كانت تتمَحور حول تدنّي مستوى القراءة لهذا الجيل مُقارنةً بالجيل السابق، بينما قلة من البعض عبروا عن رضاهم بوجود فئات ما زالت تُومن وتُحب القراءة وتُخصص لها أوقاتًا، فتقول هند المطيري- طالبة الخدمة الاجتماعية: " إن مستوى القراءة لدى الشباب أصبح ضعيف جدا في الآونة الأخيرة مقارنة بالأجيال السابقة التي كانت تُعرَف بـ "الجيل القارئ"، مُعربةً عن أسفها بأننا أصبحنا نادرًا ما نرى شخصًا يقرأ كتابا، ومؤكدةً أن السبب الرئيسي لهذا العزوف يعود لظهور برامج التواصل الاجتماعي وانجذاب الشباب"، بينما ذكرت فاطمة العميري- طالبة قسم المحاسبة، أنه "لا يُمكن إنكار الوعي الذي بدأ ينمو عند بعض الشباب من ناحية القراءة، ولكن العتَب يبقى على نوعيّة الكتب التي تتم قراءتها، مُؤكدة على ظهور العديد من الكتب التي لا هدَف منها ولا غاية".
مَعايير مهمة لاقتناء كتاب
من جانبه وضح ع. اللحيدان، إن أكثر ما يهمه في شراء الكتاب هو موضوعه وطريقة إلقاء وسَرد الكاتب، بالإضافة إلى توافر وثَراء الكِتاب بالمُصطلحات اللغوية"، بينما تقول أ. العيوني: "إن المُؤلف يهمها ويحدد قرارها في الشراء، وذلك مع جاذبية الموضوع الذي يدور حوله الكتاب"، أما أ. محمد، فترى أن أحد أسباب اقتنائها لكتاب مُعيّن، هو موضوع قد ترغب في الاستزادة فيه، أو إشادة وتوصية على قراءته من قِبَل الأهل والأصدقاء".
كيف ننشر الوَعي؟
ترى مشاعل السبيعي- طالبة لغات وترجمة، أن سُبل توعية المجتمع بأهمية القراءة ونَشر حُبها فيما بينهم كثيرة، ومن ذلك: "توفير المكتبات العامة في مدُن ومناطق المملكة، تبنّي مشروعات القراءة المُتنقلة التي تصل لجميع الأحياء، دعم القُرّاء وإقامة مُسابقات تنافُسية دورية، بالإضافة إلى تشجيع الأفراد على الكتابة ومُساعدتهم في النشر". بينما وضّح ع. القباني وسائل أخرى، تبدأ "بتخصيص الأسرة وقتًا للقراءة لكل أفرادها، وتربية الطفل منذ الصغر على حب القراءة والاطلاع وذلك بتوفير مكتبة منزلية مصغرة في كل بيت تحتوي على كتب مُفيدة، ثم تنطلق إلى المُؤسسات المجتمعية الأخرى؛ كقيام المدارس بحصص خاصة للقراءة وفق اهتمامات كل طالب، بالإضافة إلى التأكيد على أهميتها في المساجد ومراكز التحفيظ، أيضًا إقامة المراكز الثقافية والمكتبات المُوزّعة على الأحياء والمناطق بحيث تكون مفتوحة للعامة".


