
"التكنولوجيا الحديثة"
غزو التكنولوجيا على الأطفال بين المنافع والأضرار

كتب : محرروا رواء الإمام
في عالم تغزو فيه التكنولوجيا بسرعة فائقة، أصبح من المستحيل أن تجد طفلا لا يستخدم الهواتف الذكية والكمبيوتر والآيباد فلا يجد الطفل صعوبة في استخدام شاشات اللمس أو الضغط على الأزرار التي تحتويها الأجهزة التكنولوجية الحديثة، وبذلك أصبحت التكنولوجيا جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية لأي طفل وهو ما يطرح عدة تساؤلات واختلاف الآراء حول إيجابيات وأضرار التكنولوجيا وهل لها أخطار تهدد نشأة وحياة الطفل فيما بعد.
ظهرت العديد من الأبحاث بأن للتكنولوجيا آثار إيجابية وأخرى سلبية من حيث قدرة الأطفال على التفكير، فهي لا تؤثر فقط على طريقة تفكيرهم بل تؤثر أيضاً على طريقة نمو أدمغتهم وتطورها، حيث يؤكد الكاتب التكنولوجي نيكولاس كار على قدرة القراءة على رفع مستوى التركيز والخيال في الدماغ، وبالمقابل على قدرة التكنولوجيا على تحفيز الدماغ على تفحص المعلومات وتخزينها بسرعة وكفاءة عاليتين، مع التركيز على أن نوعية التكنولوجيا التي تقدم للأطفال وطريقة تقديمها لهم هي ما تجعلها ضارة أو نافعة لعملية تطور التفكير لدى الأطفال، خاصةً في السنوات الأولى من حياتهم، وهنا نوضح ماهي سلبيات وايجابيات الأجهزة.
التكنولوجيا؛ إيجابية ام سلبية؟
للتكنولوجيا دور لا يمكن إنكاره في تعليم الطفل وتنمية ذكائه، فمن خلال الأجهزة الحديثة يمكنهم التعلم من خلال بعض التطبيقات الحديثة الخاصة بالهواتف الذكية مثل تطبيقات الكتب الإلكترونية الناطقة، بل ويمكنهم تعلم لغات جديدة أيضا عن طريق التطبيقات، كما يكتسب المهارات اللازمة لتنمية العلاقات الاجتماعية، ما ان استخدمت هذه الأجهزة بشكل صحيح، كما تسهم في تكوين شخصية ثقافية وتنمية مواهبه ودعمه، في مقابل تلك الإيجابيات توجد العديد من السلبيات حيث أن الدراسات اثبتت ان للاستخدام المفرط للأجهزة تأثيرات نفسية بنسبة 53% تقريبا، ومنها التوحد والانعزال في عالم إلكتروني افتراضي، كما يؤثر بشكل سلبي على الانتباه والتركيز، اضطرابات النوم، ضعف التحصيل العلمي عند بعض الأطفال، اكتساب السلوكيات السلبية كالعنف والقسوة، ترتب على ذلك اضرار صحية كضعف النظر والآم الرقبة.
صوت الطفل
وفي مقابلات أجريت مع بعض الأطفال قال يوسف عبدالله البالغ من العمر8 سنوات بأنه يمتلك جهاز الآيباد من عمر صغير حيث كانت تستخدمه والدته ليسهل نومه، وأنه أخذ هذه كـ عاده فأصبح استخدامه للأجهزة في اليوم لا يزيد عن ساعتين، ويمكنه الاستغناء عنه عدد من الأيام ولكنه بالطبع يفضل النوم وهو يشاهد الآيباد، وكان اكثر ما يشاهده هو مقاطع اليوتيوب والتي إما تكون مقاطع لأفلام كرتونية أو مقاطع لايف عن أطفال وعن حياتهم الطريفة، وفي معرفته للأضرار أوضح بانه يعلم ان للأجهزة الالكترونية أضرار صحية على العيون جاهلا أضراره الاخرى.
يارا ابراهيم البالغة من العمر ثمان سنوات قالت لم يكن لدي جهاز خاص الا في هذه الفترة فكنت سابقا استعين بجهاز أمي المحمول لمشاهدة اليوتيوب او الألعاب الموجودة، ولكن أكثر ما كان يشدني هو مشاهدة التلفاز والالعاب الواقعية مثل العرائس واللعب مع اختي، ولكن الان أصبح لدي آيباد خاص وأحب أن العب العاب افتراضية وأشاهد مقاطع اليوتيوب، ولا يمكنني الاستغناء عنه عده ساعات إذا لم أخرج من المنزل، وأنها لا تعلم الاضرار الحقيقة للاستخدام المفرط له، موضحة أنها اصبحت تستخدم جهازها الخاص أكثر من ساعتين في اليوم.
وقالت رند محمد البالغة من العمر تسع سنوات انها تمتلك هاتفاً محمولاً منذ 3سنوات وأنها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستغني عن الهاتف الجوال بعد أن قدمه والدها كهدية لنجاحها حيث تقوم بالاتصال على اسرتها وأصدقائها والتواصل معهم، وبلغ معدل استخدامها اليومي سبعة ساعات متواصلة كحد أدنى، وربما أكثر من ذلك.
وقال خالد سعد البالغ من العمر عشر سنوات انه يستخدم الألعاب الإلكترونية بشكل يومي بمعدل خمس ساعات وان هوايته المفضلة هي ممارسة الألعاب الإلكترونية وانه لا يستطيع الاستغناء عنها، موضحاً أن لها فوائد في جوانب معينه: ومن ذلك الترفيه، ولكن أضرارها أكثر من فوائدها، مبينا ايضا انه يمارس هذه الألعاب في أوقات الإجازات بشكل متواصل ولساعات طويلة.
تجربة الام
أوضحت الدراسات ان عدد كبير من الأمهات يشرفن على أجهزة اطفالهن وذلك بنسبة 80%، كما بينت مقابلة أجريت مع نوعين من الأمهات؛ متعلمة موظفة، متعلمة ربة منزل وكانت إجابات الموظفة ان الظروف العائلية تؤثر على استخدام الطفل للأنترنت بسبب انشغال الوالدين بالعمل، وان مستوى التعليم والتركيز قل لدى الطفل، ولاحظت ان الطفل اصبح عصبي وسريع الانفعال ومتوتر بسبب الاستخدام الطويل للأنترنت، بينما كانت ترى ربة المنزل ان الظروف تؤثر كذلك وان مستوى التعليم قل أيضاً بسبب انشغاله عن التعليم باهتمامات أخرى بعيده تؤثر على تركيزه ولاحظت ان الطفل تتأثر سلوكياته بالألفاظ والحركات غير الأخلاقية واحياناً تصل حتى الاخلاق الدينية.
العزلة والتعليم.. متناقضات
وضحت د. بسمة سليم استشاري التدريب والتأهيل وتنمية المهارات قائلة بأنّه لا يمكن إنكار الفوائد المتعددة للأجهزة الذكية بوجه عام، وفيما يتعلّق بالأطفال فقد أتاحت لهم المتعة والتثقيف الفوري، متابعة بأنّه لابدّ من الانتباه إلى ارتفاع نسب حالات الأطفال الذين يعانون من بعض الأعراض الغير سوية مثل العزلة والغضب والعنف ورفض المشاركة في جميع الأنشطة الحياتية.
كما أشار الباحثون أن هذه الوسائط خلافا لما يتوقعه الآباء، يمكن أن تؤدي إلى تقليل الذكاء والابتكار لدى الطفل، حيث إن الإجابات الجاهزة بمجرد الضغط على الشاشات يمكن أن تؤثر على نمو الطفل الوجداني وتحد من الإبداع والتفكير في حل المشكلات بشكل منهجي، وأيضا تقلل من التدريب اليدوي والمهارات المتعلقة بالتوافق بين النظر والحركة اللازمين للنمو الإدراكي، فضلا عن أن توافر عنصر الجذب من الألعاب الإلكترونية يجعل الطفل يعزف عن ممارسة الرياضة في الملاعب وبالتالي يؤثر ذلك على نموه البدني وافتقاده للعمل الجماعي من خلال مشاركة أقرانه في نفس الرياضة.
وأوضحت الدراسة ان عدد استخدام الطفل للأجهزة تراوح ما بين ساعة الى ساعتين بنسبة 51% ومن ساعتين الى أربع ساعات 29.4% وأكثر من ذلك 19.6 تقريباً، والمقصود بالتكنولوجيا هنا والتي ممكن ان تستخدم من قبل الأطفال هي أجهزة الهاتف المحمول والألعاب الالكترونية والآيباد والكمبيوتر.
ما وراء الإدمان؛ أسباب جعلت الأطفال مدمنين
أوضحت الدراسات ان للظروف المحيطة بالطفل تأثير كبير بنسبة 71% تقريبا، ومن الأسباب التي جعلت الأطفال يلجؤون لاستخدام الأجهزة هي التسلية والهروب من الملل، تقليد للآخرين، سهولة استخدام التطبيقات، السماح من الاهل بالاستخدام لفترات طويلة، ايجادهم حياة جديدة وبعيدة عن الحياة التي اعتادوا عليها، إيجاد كل ما يرغبون به في هذه الأجهزة .
كيف نحول ادمان التكنولوجيا لعادة إيجابية؟
وهنا يأتي دور الآباء في توجيه ورعاية الأطفال للحد من أضرار التكنولوجيا الحديثة عليهم وذلك من خلال الانضمام إلى عالمهم ومجتمعهم، التقرب لهم، تخصيص أوقات للعائلة بدون تكنولوجيا، محاولة تنويع الأنشطة، تحصين الأطفال ثقافياً ودينياً، مع مراقبة أنشطة الطفل عبرالاجهزة .
وفي هذا السياق محاذير يجب على الاهل تجنبها كالمنع الكامل من استخدام الأجهزة، عدم استخدام العنف مع الطفل لامتثال الأوامر، عدم الرقابة المباشرة التي تجعل الطفل يشعر بالحصار والضغط .



